جديد المقالات

القانون التنظيمي رقم 97.15 للحق في ممارسة الإضراب بالوظيفة العمومية

القانون التنظيمي رقم 97.15 للحق في ممارسة الإضراب بالوظيفة العمومية

الحق في ممارسة الإضراب تم إقراره منذ دستور 1962 حتى دستور 2011، وأحالته كافة الدساتير المتعاقبة على قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات وكيفيات ممارسة هذا الحق وظل دائما يمارس دون نص قانوني ينظم كيفية ممارسته، وظل القضاء يفصل في الحالات التي تطرح عليه بناء على النص الدستوري وما راكمه من اجتهادات، إلى أن تم إعداد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.

سنحاول في هذه المقالة تأطير الحق في الإضراب لتوضيح الأسس الحقوقية والقانونية والإجرائية لممارسة الحق في الإضراب، والتي شكلت المرجعية في إعداد القانون التنظيمي رقم 57.15 الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب. و المعرفة بالمبادئ و الأسس المفاهيمية يسهل التعامل مع النص القانوني دون الإطلاع التفصيلي على جميع مواده و جميع النصوص التنظيمية التي تأتي بعده.
سنجيب على عدد من الأسئلة الأولية في الختام انطلاقا من القانون التنظيمي 97.15 التي تتعلق بالإضراب لاسيما ما هو مفهوم الاضراب ؟ ماهي قواعد الإضراب ؟ متى يكون الإضراب ؟ .

الإطار الحقوقي والقانوني للحق في ممارسة الإضراب

الدستور المغربي 

نص الدستور المغربي لسنة 2011 على قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب.
الفصـل 29
حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات.
حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته.

الظهير الشريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية

الفصل الأول
إن الاجتماعات العمومية حرة. ويعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر ومباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محددة من قبل.

مدونة الشغل رقم 65.99

المادة 398
يمكن تأسيس النقابات المهنية بكل حرية، بغض النظر عن عدد الأجراء المشتغلين بالمقاولة أو بالمؤسسة ، من طرف أشخاص يتعاطون مهنة أو حرفة واحدة ، أو مهنا أو حرفا يشبه بعضها بعضا ، أو مرتبطة بعضها ببعض ، ومعدة لصنع منتوجات أو تقديم خدمات معينة ، وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون. يمكن للمشغلين والأجراء أن ينخرطوا بحرية في النقابة المهنية التي وقع عليها اختيارهم.

المواثيق والعهود الدولية

المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها المغرب سواء تعلق الأمر الحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذا المواثيق المتعلق بالمنظمة العالمية للشغل.

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)؛
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)؛
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966).
  • الاتفاقية رقــم 87 بشــأن حريــة التجمــع وحمايــة حــق التنظيــم النقابــي (1948) التــي تشــكل إطارا أساسيا لحماية حقوق الأجراء وأصحاب العمل في تأسيس منظمات نقابية والانضمام إليها بحرية.
  • الاتفاقية رقـم 151 بشـأن حمايـة حـق التنظيـم النقابـي وإجـراءات تحديـد شـروط الاستخدام فـي الخدمـة العامـة، مؤتمـر العمـل الدولـي (1978)؛

المبادئ الأساسية للحق في الإضراب

مبدأ المسؤولية

المسؤولية بمعنى ضرورة احترام المساطر القانونية والأعراف المتعلقة بممارسة الحق في الإضراب من طرف المشغلين والعمال على حد سواء، هو ما نصت عليه المادة 5.
كل إضراب يمارس خلافا لأحكام هذا القانون هو إضراب غير مشروع.

مبدأ السلمية

السلمية بمعنى منع احتلال أماكن العمل أو عرقلة الولوج إليها أو أي شكل من أشكال العنف اللفظي أو المادي لأنه أيـة أعمـال أخـرى مثـل العنـف أو تعطيـل العمـل لا تدخـل ضمـن التعريـف القانوني للإضراب تعتبر أعمال غيـر محمـية.

مبدأ التوازن

يهدف هذا المبدأ إلى إرساء توازن عادل بين المصالح العمومية والخاصة، التـوازن بيـن حـق الإضـراب وحريـة العمـل، وهمـا عنصـران أساسـيان في أي مجتمـع دينامـي ديمقراطـي متطـور، وتم تكريسه في المادة 7.
ممارسة حق الإضراب مضمونة بمقتضى هذا القانون ...
حرية العمل أثناء ممارسة حق الإضراب مضمونة بمقتضى هذا القانون ويمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلتها أو احتلال أماكن العمل.

مبدأ الأجر مقابل العمل

حماية المضربين ضد الطرد أو الاستبدال المؤقت هو ما نصت عليه المادة 6، في المقابل أعطت للمشغل الحق ألا يؤدي الأجر عن التوقف عن العمل.
يعد كل عامل يشارك في الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر. لا يترتب عن إضراب المهنيين توقف عقد شغل أجرائهم وعدم أداء أجورهم.

مبدأ عدم التمييز

يشير هذا المبدأ في سياق الحقوق النقابية إلى أن جميع الأجراء يجب أن يكونوا قادرين على الانضمام إلى النقابات والمشاركة في الأنشطة النقابية بغض النظر عن خلفياتهم أو انتماءاتهم ويتمتعون بالحماية، وخاصة ممثليهم في أماكن العمل،من أي تمييزقد ُيمارس ضدهم بسبب الإضراب، وأن يكونوا قادرين على تشكيل نقابات دون أن يتعرضوا لأي تمييز معاد للنقابات.
المادة 9
يمنع اتخاذ اي إجراء تمييزي في حق العمال بسبب ممارستهم حق الإضراب

مبدأ التناسب في تقييد الحق في الإضراب

يجب أن تكون أي قيود أو عقوبات على حق الإضراب مشروعة وغير تعسفية، تستند إلى تشريع واضح ومحدد. ويمكن تعليق الحق مؤقتا لفترة معينة، شريطة أن تكون القيود أو الإجراءات مشروعة وضرورية وفقا وفقا للظروف الخاصة، ومتناسبة مع المخاطر والاحتياجات المراد تحقيقها التي تبرر فرضها، وأن ترفع بمجرد زوال الظروف التي أدت غلى فرضها،و الا تكون مستهدفة لنقابة  كإجراء تمييزي، وأن تبقى كافة الحقوق المدنية والسياسية مضمونة. تدخل السلطات خلال الإضراب يجب أن يكون للحفاظ على النظام العام دون التأثير على الحق في ممارسة الإضراب.

التناسب بين العقوبة و الإجراءات التي قام بها العامل ، لا يمكن مثلا طرد عامل مارس حق الإضراب وفق القانون التنظيمي ، التناسب في العقوبات التأديبية و الفعل محل العقوبة ، فلا يمكن تطبيق القانون الجنائي مثلا في حالة عرقة حرية العمل أو احتجاز أماكن العمل، بل تطبق غرامات تتناسب و الفعل من طرف ضابط الشرطة القضائية. ما يعرف بالشطط في استعمال السلطة في الإدارة التي تطبق في حالة عدم التناسب بين العقوبة والفعل، مثلا عزل موظف لسبب عدم القيام بالمهام.

الإطار المفاهيمي للإضراب عن العمل

حق جماعي وليس فردي

تم التنصيص على الحق في الإضراب ضمن الحقوق الجماعية وليس الحقوق الفردية، بمعنى أنه يمارس جماعيا وليس فرديا، وفي بعض الدول كفرنسا يعتبر فردان كجماعة يمكنها المطالبة بممارسة هذا الحق الجماعي.

حق موقت وفعل استثنائي،

هو ما نصت عليه المادة 2 القانون التنظيمي ب : ويعد إضرابا كل توقف إرادي جماعي لمدة محددة عن ممارسة المهنة أو أداء العمل كليا أو جزئيا، والإضراب لا يكون الا بعد اسـتنفاذ إجـراءات التوفيـق أو الوسـاطة.

هو ما أقـرت منظمـة العمـل الدوليـة  باعتبـارالحق في الإضراب امتـدادا طبيعيـا للحـق فـي التنظيـم الـذي تحميـه الاتفاقية رقـم 87 لكنهـا تـرى أن الحـق فـي الإضراب ليـس حقـا مطلقـا فهـو يخضـع لشـروط أو قيـود قانونيـة معينـة ويمكـن حظـره فـي ظـروف اسـتثنائية.

امتناع جزئي أو كلي

استمرارية المرفق العمومي وحماية الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المجتمع بشكل كبير، حيث يكون من الضروري فرض حد أدنى من الخدمة لضمان سلامة الأفراد والمضربين أنفسهم والمعدات، خاصة في القطاعات الأساسية مثل الصحة العامة والأمن الوطني، حيث يمكن أن يتسبب توقف العمل بها كليا أو جزئيا أن يعرض حياة الأشخاص وصحتهم وسالمتهم للخطر؛

المادة 21 من القانون التنظيمي حصرت لائحة المؤسسات الحيوية التي لابد من توفير الحد الأدنى من الخدمة فيها.
المادة 21
 يمارس حق الإضراب في المرافق الحيوية طبقا للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، شريطة توفير حد أدنى من الخدمة في المرافق الحيوية التالية:..
كذلك يمنع على الموظفين العموميين الذين يمارسون السلطة باسم الدولة ممارسة الحق في الإضراب، نصت على ذلك المادة 22.
المادة 22
لا يمكن ممارسة حق الإضراب من قبل موظفي إدارة الدفاع الوطني وموظفي وزارة الخارجية وموظفي وزارة الداخلية وأعوان السلطة والعسكريين وأفراد القوة العمومية وضباط الشرطة القضائية، وسائر الموظفين والأعوان المخول لهم حمل السالح والموظفين الديبلوماسيين والقنصليين والأشخاص الذين تمنعهم النصوص القانونية الخاصة بهم من الانتماء النقابي أو من ممارسة أي نشاط نقابي.
كذلك تعليق الإضرابات خلال الأزمات الوطنية والكوارث.
المادة 19
يمكن لرئيس الحكومة، في حالة حدوث آفات أو كوارث طبيعية أو أزمة وطنية التي من شأنها المساس بالنظام العام وحقوق المواطنين، أن يأمر بصفة استثنائية، بمنع الإضراب أو وقفه لمدة محددة بموجب قرار معلل.

المصلحة في الإضراب

 لا يمكن من ليست له مصلحة أو مطلب معين أو تمت تسوية ملفه المطلبي أن يقوم بالإضراب تضامنا مع المضربين أو أن يتناوب معهم في الإضراب لإيقاف نشاط المرفق أو الشركة وهو ما يصطلح عليه بالإضراب التضامني، والإضراب بالتناوب.

يجب أن تكون هناك مصلحة حالة ومطلب للجهة الداعية للإضراب كما جاء في تعريف القانون التنظيمي رقم 97.15 الإضراب باعتباره: كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية.

الإطار الاجرائي للحق في ممارسة الإضراب

1- دعوة من النقابات ذات تمثيلية

إعتبر القانون النقابات كممثل وحيد للعمال يحق له الدعوة للإضراب ، وذلك ربما لإعطاء مصداقية للاحتجاج والمطالب الاجتماعية وأنها مشكل بنيوي وليس حالات فردية شاذة يمكن معالجتها فرديا بالقانون أو بالقضاء على مستوى قضاء الشغل أو القضاء الإداري.

المادة 10
تتم الدعوة إلى الإضراب على الصعيد الوطني في القطاع العام أو في القطاع الخاص من قبل نقابة أكثر تمثيلا أو من قبل نقابة ذات تمثيلية على الصعيد الوطني. 
تتم الدعوة إلى الإضراب على صعيد المرفق العمومي من قبل نقابة أكثر تمثيلا على الصعيد الوطني أو من قبل نقابة ذات تمثيلية على صعيد المرفق العمومي.

2- تقديم الملف المطلبي مسبقا

انصرام أجل 45 يوما على توصل المشغل بالملف المطلبي، مع امكانية التمديد ل 15 يوما لمرة واحدة. ذلك ما فصلته المادة 12 و13 بعدها.
بخصوص الملف المطلبي تجوز الدعوة إلى الإضراب في القطاع العام أو المرفق العمومي أو بالنسبة للمهنيين بعد انصرام أجل خمسة وأربعين (45) يوما، مع إمكانية التمديد مرة واحدة لفترة خمسة عشرة (15) يوما بناء على طلب أحد الأطراف.

3- الإخطارالمسبق

هذا الإجراء يقوم على مبدأ أن الإضراب مؤقت واستثنائي لذلك وجب اعتماد أجندة من الآجال في الإعلان عن الإضراب وتقديم الملف المطلبي للمشغل الخاص أو العام أولا ، و إخطار السلطات المعنية بقرارالإضراب في أجل 7 أيام على الأقل.

4- إصدار قرار الإضراب

حدد القانون الشروط الشكلية لإصدار قرار الإضراب من طرف النقابة الداعية للإضراب، بحيث يحترم الآجال المنصوص عليها، والشكل، ونسبة 35% في حالة اصدار قرار الإضراب من طرف لجنة الإضراب.

المادة 15

يجب أن يتضمن قرار الإضراب البيانات التالية:
- اسم الجهة الداعية إلى الإضراب؛
- سبب الإضراب؛
- مكان أو أماكن العمل المشمولة بالإضراب؛
- تاريخ وساعة بداية الإضراب ومدته.
ويجب أن يرفق قرار الإضراب بنسخة من الملف المطلبي أو نسخة من القضايا الخلافية، ونسخة من المحضر المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 11 أعلاله، إذا تعلق الأمر بالإضراب الذي تقرر من طرف لجنة الإضراب.

5- المفاوضات

المادة 92 من مدونة الشغل.
"المفاوضــة الجــماعية " هي الحوار الذي يجــري بــين ممثلي المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو الاتحادات النقــابية للأجراء الأكثر تمثيلا من جــهة، وبين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمـات المـهنية للمشغلين من جهة أخرى بهدف: ...

6- قرار ايقاف الاضراب

الجهة التي أصدرا قرار الإضراب هي التي لها حق ايقاف الإضراب وبنفس الشكليات التي تم اعتمادها في الإعلان عن الإضراب. سواء بقرار من النقابات أو من قاضي المستعجلات.
المادة 17 
يجوز للجهة الداعية إلى الإضراب، إلغاء الإضراب أو توقيفه مؤقتا أو إنهاؤه. ويجوز، أيضا، للأطراف المعنية، في كل وقت وحين، الاتفاق على توقيف الإضراب مؤقتا أو بصورة نهائية.
خاتمة

القانون التنظيمي، مع عديد الملاحظات التي قدمها المجلس الاجتماعي والاقتصادي بخصوصه والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يمكن القول إنه قانون يلتزم بمنظومة حقوق الإنسان، في شقيها المدني والاقتصادي ظل وفيا للمبادئ المعمول بها في التجارب الدولية. مع المؤاخذات التي وجهت له بخصوص نظام العقوبات.

كذلك اعتبر القانون هيئة وحيدة لها تمثيلية العمال، هي النقابات وتغاضى عن أي تنظيم احتجاجي غير النقابات، التنسيقيات وجمعيات المجتمع المدني العام أو المجتمع المدني التربوي. ظل وفيا للأدوار الكلاسيكية في تصور المؤسسات، خصوصا في زمن التطور الرقمي والتنظيم الرقمي عن بعد. هذا سيشكل ضغط على النقابات في المستقبل لإعادة ترتيب البيت الداخلي ومقرطته لاستقبال جميع الهيئات العمالية ، والنصوص التنظيمية القادمة للنقابات واللجان المتساوية الأعضاء سيكون عليها نقاش مصالح كبير.

الأسئلة الشائعة

 ما هو الإضراب عن العمل؟

المادة 36 من مدونة الشغل تنص على أن النقابات المهنية تهدف إلى (الدفاع عن الصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها).
القانون التنظيمي رقم 97.15 الإضراب باعتباره: كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية .

متى يكون الإضراب؟

يكون الإضراب بعض تقديم الملف المطلبي في الآجال المحددة بالقانون ولم تتم الاستجابة له واستكمال الاجراءات الضرورية التصريح المسبق والوضعية القانونية للهيئة التمثيلية.


bouch
bouch